إختلاف وجهات النظر لا يُفسد للود قضية
الحقيقة أن الإختلاف هو سنة من سنن الحياة
ومن لا يؤمن بذلك فإنما هو مخطئ بلا أدنى شك
منذ فترة ليست بقليلة و أنا أقرأ للكاتب الراحل فتحي غانم
حتى أصبحت من عشاقه .. و عملت على تجميع كل ما استطعت
الوصول إليه مما نُشر له من أعمال
و أعترف أن أكثر رواية له استمتعت بها على الإطلاق هي رواية
( الجبل ) ..( نشرت عام 1959 وكانت أول رواياته ).
و أدّعي بذلك أن من لم يقرأها إنما فاته الكثير
أود الحديث هنا عن مضمونها لسبب سوف يتجلّى في سطوري القادمة
لقد كانت الرواية مأخوذة عن قصة واقعية تتحدث عن أهل
الجبل في أحد مدن الصعيد ( القرنة ) والذين كانوا يعيشون حياة
بدائية جدا طالبين رزقهم من التنقيب عن الآثار و من ثَم بيعها
للسُياح بأسعار زهيدة .
ويعطينا الكاتب فكرة عن بدائيتهم لدرجة أنهم كانوا
يتغوطون في مجموعات بالعراء .
استهوى المكان بطبيعته الجغرافية و المناخية المهندس المعماري
حسن فتحي رحمه الله
والذي لُقب ب ( شيخ المعماريين ) و ( معماري الفقراء )
حيث قام بتصميم و بناء قرية سكنية كاملة تحت سفح
الجبل ليعيش فيها أهل الجبل حياة متحضرة .
وهذا الكلام مكتوب و موثق في كتابه ( عمارة الفقراء )بالتفصيل .
ما أود الإشارة له هنا هو ما يدعى ( اختلاف وجهات النظر ) ففي رواية
الجبل تبنى الكاتب فتحي غانم وجهة نظر أهل الجبل حين رفضوا
النزول للعيش في القرية الجديدة رفضا شرسا موجها رسالة للقارئ
مفادها أن المشروع كان بهدف خدمة مصالح شخصية لبعض المسئولين
ومن الطريف أن أحد أسباب رفضهم للقرية الجديدة هو أن المنازل قد تم تسقيفها بالقباب و التي كانت تذكرهم بشكل القبور.
بالعودة إلى كتاب (عمارة الفقراء) فسنعرف كم كان يدرس
المعماري حسن فتحي طبيعة القرية المناخية و الجيولوجية حتى
توصل في النهاية لبناء المنازل بأقل الأسعار و أنسب الأشكال
المعمارية لتحقيق مناخا معتدلاً داخل الحيزات ( التسقيف بالقباب )
ولكن رفض أهل الجبل للقرية الجديدة أدى إلى
فشل المشروع
ومن يقرأ الكتابين سوف يكتشف فعلا كم كان لاختلاف في
وجهات النظر دوراً في ذلك
شخابيط